responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 597
آيَةً أَيْ آيَةً لِمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا، لِأَنَّ هَذَا خَارِقٌ عَظِيمٌ. وَفَصْلُ طَالُوتَ بِالْجُنُودِ وَتَبْرِيزُهُ بِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مَلَّكُوهُ وَانْقَادُوا لَهُ، وَأَخْبَرَهُمْ عَنِ اللَّهِ أَنَّهُ مُبْتَلِيهِمْ بِنَهَرٍ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ نَبَّأَهُ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ نَبِيِّهِمْ لَهُ عَنِ اللَّهِ، وَأَنَّ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ كَرَعًا فَلَيْسَ مِنْهُ إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنْهُ، وَأَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُمْ قَدْ خَالَفَ أَكْثَرُهُمْ فَشَرِبُوا مِنْهُ، وَلَّمَا عَبَرُوا النَّهَرَ وَرَأَوْا مَا هُوَ فِيهِ جَالُوتُ مِنَ الْعَدَدِ وَالْعُدَدِ أَخْبَرُوا أَنَّهُمْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِذَلِكَ، فَأَجَابَهُمْ مَنْ أَيْقَنَ بِلِقَاءِ اللَّهِ: بِأَنَّ الْكَثْرَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْغَلَبَةِ، فَكَثِيرًا مَا غَلَبَ الْقَلِيلُ الْكَثِيرَ بِتَمْكِينِ اللَّهِ وَإِقْدَارِهِ، وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ فَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، فَحُضُّوا عَلَى التَّصَابُرِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَحِينَ بَرَزُوا لِأَعْدَائِهِمْ، وَوَقَعَتِ الْعَيْنُ عَلَى الْعَيْنِ لجأوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغَاثَةِ، وَسَأَلُوا مِنْهُ الصَّبْرَ عَلَى الْقِتَالِ وَتَثْبِيتَ الْأَقْدَامِ عِنْدَ الْمَدَاحِضِ، وَالنَّصْرَ عَلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ، وَكَانَتْ نَتِيجَةُ هَذَا الْقَوْلِ وَصِدْقِ الْقِتَالِ أَنْ مَكَّنَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلَ مَلِكَهُمْ، وَإِذَا ذَهَبَ الرَّأْسُ ذَهَبَ الْجَسَدُ، وَأَعْطَى اللَّهُ دَاوُدَ مُلْكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالنُّبُوَّةَ وَهِيَ: الْحِكْمَةُ، وَعَلَّمَهُ مِمَّا أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُ مِنَ: الزَّبُورِ، وَصَنْعَةِ اللَّبُوسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا عَلَّمَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ إِصْلَاحَ الْأَرْضِ هُوَ بِدَفْعِ بَعْضِ النَّاسِ بَعْضًا، فَلَوْلَا أَنْ دَفَعَ اللَّهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِهَزِيمَةِ قَوْمِ جَالُوتَ وَقَتْلِ دَاوُدَ جَالُوتَ، لَغَلَبَ عَلَيْهِمْ أَعْدَاؤُهُمْ وَاسْتُؤْصِلُوا قَتْلًا وَنَهْبًا وَأَسْرًا، وَكَذَلِكَ مَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ، وَلَكِنَّ فَضْلَ اللَّهِ هُوَ السَّابِقُ، حَيْثُ لَمْ يُمَكِّنْ مِنْهُمْ أَعْدَاءَهُمْ، وَمَكَّنَهُمْ مِنْهُمْ.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْعِبَرَ وَهَذِهِ الْخَوَارِقَ تَلَاهَا اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ بِالْحَقِّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمُرْسَلِينَ الَّذِينَ تَقَدَّمُوهُ فِي الزَّمَانِ، وَالرِّسَالَةُ فَوْقَ النُّبُوَّةِ، وَدَلَّ عَلَى رِسَالَتِهِ إِخْبَارُهُ بِهَذَا الْقَصَصِ الْمُتَضَمِّنِ لِلْآيَاتِ الْبَاهِرَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ مَنْ أَخْبَرَ بِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا مُعْلِمٌ إِلَّا اللَّهَ.

[سورة البقرة (2) : الآيات 253 الى 257]
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (257)

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 597
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست